كوردستريت || تقارير
إعلان الخارجية الروسية قبل فترة أن تركيا لم تنفذ اتفاقيات سوتشي، ورد تركيا بأنها تنفذ هذه الاتفاقيات، هي إشارة روسية إلى أنها تريد تحريك الملف السوري.
يعتبر ماكغرك مؤيدا لقسد، ومن أشد أعداء تركيا في أمريكا، وبالتالي سيعمل على حماية قسد، ولن يقبل أن تترك دون حماية، بل وربما يؤيد أي عملية عسكرية روسية لمساندة قسد، فماكغرك استقال سابقا احتجاجا على سكوت بلاده عن العملية العسكرية التركية “نبع السلام”، وبالتالي لا يرجح أن يسمح ماكغرك بسحب القوات الامريكية من سوريا الآن على أقل تقدير. هذا يعني أنه لا يمكن له أن يصل لنتيجة في اجتماعه مع الروس في جنيف، إلا فيما يخص إدلب. لذلك لمحت الخارجية الروسية إلى أنها ستعمل على لقاء ثلاثي اسرائيلي-امريكي- روسي لمناقشة الوضع في سوريا (شرق الفرات) حيث أن تل أبيب عامل رئيسي في تقرير مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا.
بالنسبة لتركيا فلم يلتق بايدن بأردوغان في نيويورك، مما يعني أن أمريكا رفضت إعطاء كرت لتركيا تستطيع من خلاله أن تقوي موقفها مع الجانب الروسي، وهذا يعني أن العلاقة بين الديمقراطيون والحكومة التركية في أسوأ حالاتها.
العلاقات الروسية التركية متأزمة أيضا، فالانتخابات في ألمانيا والتي أبعدت ميركل، تفتح نافذة للروس للعب بطاقة اللاجئين، خاصة بعد انتهاء اليونان من تحصين حدودها ضد اللاجئين، كما أن ملف اللاجئين في تركيا أصبح أولوية قصوى، تستخدمه المعارضة، بل وربما بدأت روسيا تستخدمه من خلال دعوة اليونان لرئيس بلدية اسطنبول، ومن خلال أنباء عن دعوة عصابات الأسد لحزب الشعب الجمهوري لزيارة دمشق، بعد زيارة رئيس العصابة لروسيا، فربما تحاول روسيا إرسال رسالة للحكومة التركية أنها قد تعمل مع الحزب المعارض لحل الأزمة في سوريا ، مع أنه ليس هناك مصلحة لروسيا بوصول المعارضة للسلطة في تركيا، لكن يبدو أن روسيا قررت الضغط على هذا الجانب للحصول على تنازلات تركية في الملف السوري.
ماتريده روسيا ليس مرتبط بهدف قصير محدد، رغم تصريحاتهم مثل بؤر الارهاب، استهداف حميميم، خرق اتفاق وقف إطلاق النار، فمن يتعامل سياسيا مع روسيا يعلم في نهاية الأمر أن “اللعب معها كمن يلعب مع غشاش”، والسيناريو السوري يكاد يكون متطابقا مع تعاملها مع الملف الشيشاني، فهي لاتهدف إلا لتحقيق هدف نهائي محدد، وفي الملف السوري، هذا الهدف هو إعادة تركيا علاقاتها مع عصابات الأسد والتخلي عن دعم المعارضة، وبالتالي إزاحة تركيا من الساحة السورية، وهذا يتم عن طريق سلسلة من التنازلات، وسلسلة من الهجمات آخرها على التجمع الجديد الذي تم تشكيله في الشمال السوري. هذه التنازلات يجب أن تكون منطقية وبالتالي ترتبط بأشياء محددة متسلسلة.
لا يبدو أن اجتماع سوتشي سيغير الهدف النهائي المحدد لروسيا، لكن ربما يساهم في تأخير تحصيله، أو في تحريك البيدق خطوة للأمام، ويبدو أنه على تركيا أن تقرر من الآن، وبغض النظر عن نتائج اجتماع سوتشي، هل ستلجأ للحل العسكري لمنع روسيا من تحقيق أهدافها في الشمال؟
نعيد ونذكر بأن معركة الشمال ماهي إلا معركة مؤجلة، ستحدث الآن أو بعد عدة أعوام
مركز نورث للدراسات