كوردستريت|| وكالات
بعد أكثر من خمسة أشهر على اندلاع الحرب في غزة، تبنّى مجلس الأمن الدولي الإثنين قراراً يطالب بـ”وقف فوري لإطلاق النار”، وهو مطلب سبق أن عطلته الولايات المتحدة مرّات عدّة لكنّها امتنعت هذه المرة عن التصويت عليه، ما يعني ضغطاً إضافياً على حليفتها إسرائيل.
ويطالب القرار الذي تمّ تبنّيه بغالبية 14 صوتاً مؤيّداً وامتناع عضو واحد عن التصويت، بـ”وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان” الذي بدأ قبل أسبوعين، على أنّ “يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم”. كما يدعو إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن”.
وأكّد مندوب الجزائر عمار بن جامع أن المجلس “يتحمّل أخيراً مسؤوليّته”. وقال “منذ خمسة أشهر، يعاني الشعب الفلسطيني بشكل رهيب. استمرّ حمّام الدم هذا لفترة طويلة جداً. من واجبنا أن نضع حداً له”.
وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على منصة اكس “ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر”.
واعتبر السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور في تصريحات طغى عليها التأثّر أن تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار لوقف إطلاق النار يجب أن يشكّل “نقطة تحوّل” في إنهاء الحرب في غزة.
وأردف “أستميح عذراً من هؤلاء الذين خذلهم العالم، من هؤلاء الذين كان من الممكن إنقاذهم لكنّهم لم يُنقذوا”.
– تحوّل كبير –
في الكثير من الأحيان، تُقابَل قرارات مجلس الأمن الملزمة بالتجاهُل من قبل الدول المعنية، غير أنّ السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير حضّ على العمل باتّجاه وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وقال “لم تنتهِ هذه الأزمة. سيتعيّن على مجلسنا أن يواصل تحرّكاته والعودة فوراً إلى العمل. بعد رمضان الذي ينتهي خلال أسبوعين، سيتعيّن عليه ترسيخ وقف دائم لإطلاق النار”.
وبخلاف النص الأميركي الذي رفضته روسيا والصين الجمعة، فإنّ القرار الجديد لا يربط المطالب التي ينصّ عليها بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر والولايات المتحدة ومصر، حتى لو “اعترف” بوجود المحادثات الرامية إلى هدنة يرافقها تبادل للرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين.
واستخدمت روسيا والصين الجمعة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع قرار أميركي دعمت فيه واشنطن للمرة الأولى وقفاً “فورياً” لإطلاق النار في غزة ربطته بالإفراج عن الرهائن الذين خطفوا خلال هجوم حماس غير المسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الاول/أكتوبر.
ورأى بعض المراقبين في ذلك المشروع تحولاً كبيراً في موقف واشنطن التي تتعرض لضغوط للحد من دعمها لإسرائيل في وقت أسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل 32333 شخصاً في غزة وفق أحدث حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحماس.
وسبق للولايات المتحدة أن عارضت بشكل منهجي مصطلح “وقف إطلاق النار” في قرارات الأمم المتحدة، كما عرقلت ثلاثة نصوص في هذا الإطار.
ولكنّ النص الأميركي الذي أُسقِط بالفيتو لم يدعُ بشكل صريح إلى وقف فوري لإطلاق النار، بل استخدم صياغة اعتُبرت غامضة من جانب الدول العربية والصين، وكذلك روسيا التي نددت بـ”نفاق” الولايات المتحدة.
وجاء مشروع القرار الذي تمّ تبنّيه الإثنين، نتيجة لعمل الأعضاء غير الدائمين في المجلس الذين تفاوضوا مع الولايات المتحدة طوال نهاية الأسبوع في محاولة لتجنّب فشل آخر، وفقاً لمصادر دبلوماسية.
ويدعو القرار أيضاً إلى “إزالة كل العوائق” أمام المساعدات الإنسانية التي من دونها بات سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة معرضين لخطر المجاعة.
ولم يتمكّن المجلس الذي يشهد انقساماً منذ سنوات بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، من تبنّي إلّا قرارين من أصل ثمانية قرارات تمّ تقديمها منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وهما قراران إنسانيان في الأساس. ولكن بعد خمسة أشهر ونصف شهر من الحرب، لا يزال دخول المساعدات إلى غزة المحاصرة غير كافٍ إلى حدّ كبير، بينما تلوح المجاعة في الأفق.
من جهة أخرى، يدين القرار الذي تمّ تبنّيه الإثنين “جميع الأعمال الإرهابية” لكن من دون الإشارة إلى هجمات حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
ولم يُدن أي قرار اعتمده المجلس أو الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر حماس على وجه التحديد، وهو أمر ووجه بانتقادات من إسرائيل.
– إدانة إسرائيلية وإشادة فلسطينية –
وبعيد تبنّي القرار أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أنّه لن يرسل وفداً إلى واشنطن، كما كان مقرّراً بناءً على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأكد بيان صادر عن مكتب نتانياهو أنّ امتناع واشنطن عن استخدام الفيتو لإحباط القرار “يضرّ بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح الرهائن”، مشيراً إلى أنّه “في ضوء تغيّر الموقف الأميركي، قرّر رئيس الوزراء أنّ الوفد لن يغادر” إسرائيل.
ووفقاً لإسرائيل، خُطف نحو 250 شخصاً أثناء الهجوم غير المسبوق الذي نفّذته حركة حماس على أراضيها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لا يزال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 33 منهم لقوا حتفهم.
وشدّد الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي من جهته على أن الامتناع عن التصويت “لا يشكّل تحوّلا في سياستنا”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت لأن نصّ القرار لا يدين حماس.
وأعرب عن “خيبة أمل شديدة لأنهم لن يأتوا إلى العاصمة واشنطن ليتسنى لنا إجراء نقاش وافٍ معهم بشأن البدائل الحيوية لهجوم برّي على رفح” في جنوب قطاع غزة.
ورحّبت حماس من جهتها بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف “فوري لإطلاق النار” في الحرب التي دمرت قطاع غزة وأوصلت سكانه إلى حافة المجاعة، معربة عن استعدادها للمضي قدماً في عملية تؤدي إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين.
وقالت الحركة في بيان “نرحّب بدعوة مجلس الأمن الدولي اليوم لوقف فوري لإطلاق النار، ونؤكد على ضرورة الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، يؤدي إلى انسحاب كافة القوات الصهيونية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي خرجوا منها”.
وأضافت “كما نؤكد استعدادنا للانخراط في عملية تبادل للأسرى فوراً تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين”.
كما أشاد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ الاثنين بقرار مجلس الأمن.
وكتب حسين الشيخ على منصة إكس “نرحب بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة. وندعو الى وقف دائم لهذه الحرب الإجرامية وانسحاب إسرائيل الفوري من القطاع”.
(أ ف ب)
<
p style=”text-align: justify;”>