كوردستريت|| مقالات
.
هل من سبيلٍ لأن نسعى في الآتي :
نعتقد بأن أغلبنا بات على درايةٍ كافية بحقيقة الأوضاع في عفرين ، و واقع أهلها سواءً داخل أو خارج حدودها و تخومها .
لذلك نرى أنّه ما من داعٍ للخوض في الكثير من التفاصيل أو الإسهاب فيها .
فلا شكّ بدايةً بأنّ منطق الحكمة و العقل يفرض علينا بالنسبة لموضوع عفرين أن نبحث في أولويات ما ينبغي علينا العمل عليه و السعي بشأنه .
.
و بالتالي ….و نظنّكم مقتنعون معنا بأنّ أولى تلك الأولويات أو أبرزها على الأقل تكمن في ايجاد السبل و الآليات التي من شأنها تحقيق العودة الآمنة للنازحين و المهجّرين إلى ممتلكاتهم و مناطق سكناهم .
و تنبع الأهمية القصوى لتلك المسألة و الجعل منها في هرم الأولويات من اعتبارات عديدة ، لعلّ أهمها و بإختصارٍ شديد تتمثل في مسعى تركيا الخطير و الممنهج و بشتى السبل نحو تغيير التركيبة الديموغرافية لعفرين و ضرب خصوصيتها الكوردية ، يؤازرها في ذلك كل من يحمل مثلها فكراً قومياً شوفينيّا متطرفاً لا يقبل بحقوق الآخر أو حتى بوجوده .
.
أضف الى ذلك كون تلك العودة حلاً حتمياً و حصريّا و وحيدا لإنقاذ اولئك النازحين و المهجّرين من الواقع و المصير الخطير و المجهول الذي ينتظرهم و يتهددهم و اجيالهم ، ناهيكم عن أنّه حقّ طبيعيٌ و مشروع لهم لا جدال فيه .
كلّ ذلك مع إدراكنا التام في المقابل لحيثيّات و مخاطر تلك العودة في ظلّ الواقع الأمني السيء داخل عفرين و الفوضى و غياب سلطة القانون و استباحة الأتراك و الفصائل لأنفسهم فعل أيّ شيء دون أي قيدٍ او رادع ، بل هم مكلّفون بتلك الاستباحة لإرغام المتبقّين من أهل عفرين حتّى على ترك دورهم و ممتلكاتهم و هجرها .
.
الحال ذاك أوقع العفرينيين في حيرةٍ شديدة من أمرهم ، فلا العودة آمنةّ و حلّ ، و لا البقاء خارج عفرين في المقابل حلّ ، و لا سيما بأنّ الواقع يزداد سوءاً و قتامة و تعقيدا يوماً تلو الآخر، جرّاء الصمت و الخذلان الدولي عامةً من جهة و تمادي تركيا في تثبيت مآربها من جهةٍ اخرى .
أمام تلك الحيرة لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الكثيرين من أنصار الدعوة إلى العودة تحت أيّ ثمن ، كانوا عرضةّ لانتقاداتٍ شديدة و لاذعة و لا سيما أولئك الذين يعيشون في المهجر ، و جرى اتهامهم بأنّهم يبيعون الوطنيّات و يفتقدون الى الإحساس بالمسؤولية بمثل هكذا نداءات و يدفعون الناس الى التهلكة و ما الى ذلك .
الآن ….و بعد إلقاء الضوء سريعا على واقع العودة و أبرز ما يحيط به و ما يدور حوله من عوائق و جدل .
نرى و من خلال التدقيق عميقاً في الملابسات و التجارب بأنّ هناك ثمّة جدوى في طرحٍ إسعافيّ يبدو لنا منطقيّاً و مقبولاً و فعّالاً الى درجة كبيرة في الحدّ من الآثار الخطيرة لظاهرة و شبح التغيير الديموغرافي و نطاقه .
.
ذاك الحلّ و الطرح سنأتي على بيانه من خلال الشرح البسيط الآتي..
جميعنا لاحظ و يعلم بأن تركيا و الفصائل وضعت يدها و استولت بشكلٍ كبير على دور السكن و الأراضي و الممتلكات الشاغرة و العائدة ملكيتها لمن هم خارج عفرين و قد لاحظنا ذلك بشكلٍ أوضح في فترة موسم الزيتون من خلال جنيها و استيلائها على المحاصيل .
كما لاحظنا في المقابل أنّ قسماً كبيراً من تلك الدور و الأراضي و الممتلكات قد نجت من ذلك الاستيلاء و تلك الاستباحة بفضل وجود شخصٍ واحد من العائلة أو الأسرة صاحبة تلك الممتلكات .
و هذا تماماً هو لبٌّ و صلبّ الموضوع و فيه مبتغانا من طرحه .
.
فلو تأمّل كلُ منّا قليلاً و ألقى نظرةً ضمن حدود أقاربه أو قريته ، لسوف يلاحظ كم من البيوت و الأملاك و الثروات كان من الممكن لها أن تنجو ، لو أنّ عجوزة أو كهلاً أو عاجزاً أو طفلاً تواجد من أهل كلّ دار أو عقار .
كرأيٍ شخصي لي و من خلال التدقيق ضمن نطاق قريتي وجدت بأنّ عوائل عديدة كان من الممكن لها بتصوري أن تتدارك و تتفادى عمّا وقع على بيوتها و محاصيلها و ممتلكاتها بمجردّ وجود أحدٍ ممن سبق ذكرهم أعلاه .
.
و لا سيما إذا ما أوضحنا جانباً مفاده …أن باعث رفض الكثير من النازحين للعودة هو الخشية من اعتقال تركيّا لهم و تصفيتهم بتهم الانتماء و التعامل مع الادارة الذاتية السابقة ، و هؤلاء و إن كانوا محقّين في شكوكهم و مخاوفهم ، إلا أنّهم أخطأوا بقناعتي في اصطحاب كامل العائلة و الاسرة معهم ، و لا ينبغي أن يُفهم من ذلك بإنّنا نقصد أنّ تركيا و الفصائل عادلة أو محقّة في اتهاماتها ، بل على العكس نضع في اعتبارنا أيضاً بأنها من الممكن تطلق الاتهامات جزافا و زوراً و بهتاناً كيفما شاءت و في كل الاتجاهات ، و لكن يبقى في الأمر بعضٌ من المنطق في حساباتنا تلك ، و أنّ هناك أناساً ليسوا من الممكن ان يكونوا محلّا لتلك الاتهامات كالشيوخ و العجّز وبعص النسوة و غيرهم ممن أشرنا اليهم .
كما أنّ فرضية اعتقال أمثال أولئك حتى لو وقعت ، فإن ذلك سيحدث حرجاً كبيرا لتركيا و الفصائل في الاقدام على هذا النوع من الانتهاكات .
.
أضف الى ذلك أنُه و بفرض صحة مزاعم تركيا و الفصائل في أنها تعتقل فقط المتورّطين في اعمال ارهابية ضدّها ، فليس من العدل و المنطق و القانون في شيء أن يؤخذ الأخ أو الأب أو كامل الاسرة بجريرة شخصٍ ارتكب جرماً ما
لا يسعنا نهايةً إلا أن نرجو بأن نكون قد وُفّقنا في عرض المفيد و الصواب .
دمتم في أمان الله
المحامي عماد الدين شيخ حسن
المانيا …١١/١٢/٢٠١٨