– الأديب او المثقف في الشرق يموت حيا ويحيا ميتاً – جمال الدين الأفغاني –
عندما يحاول المثقف أو المفكر تكريس سلطان العقل والمعرفة كبديل لسلطان الخرافات والغيبيات والثوابت واليقينيات المتكلسة داخل المجتمعات الشرقية فهو هنا يسبح بعكس مفاهيم وقيم وعقائد التيار الاجتماعي والسياسي ويصطدم بالجميع فالكل هنا يمقتك وتصبح كالشخص الخارج عن القانون في عرف معظم الناس هذا إن لم تجد من يحلل دمك ..
.
.
فالمورث الثقافي والقيمي المتعفن الذي يمجد التخلف ويجعل من قيم الجهل والخرافة معرفة علمية ومن الأسطورة والغيبيات والعقائد الشمولية يقينا مطلقاً ومن الكذب والنفاق شطارة ومن المعرفة بدعة وضلالة فأن هذا الموروث هو الذي يعيد انتاج نفسه وشخوصه ومآسيه وهو الذي يعيد انتاج الاستبداد السياسي والسلوكي والتخلف الحضاري وليس التاريخ هو الذي يعيد انتاج نفسه كما يشيع هنا وهناك خطئاً …
.
.
ففي المجتمعات المتخلفة تجد دائماً العديد من المرجعيات السياسية والعقائدية والدينية والقبلية كلها تدعي بأنها وحدها تقبض على الحق والحقيقة وهي من حقها وحدها عبر هذا الحق البطريركي المقدس ممارسة الوصاية على شؤون الناس وحياتهم والتحكم بمصيرهم ووجهتهم فكل مرجعية لها رمز جبروتي مقدس يقوم أتباعها بتأليه مقولاته وحتى ظله وحركاته وعبر هذه المأساة والدغمائية يصبح المجال واسعا أمام استتباب الاستبداد بكافة أنواعها وتتمركز في معظم حقول الحياة فتؤول إلى تحجيم حرية التفكير والقضاء على الطموح والرغبة وشل قدرات الذهن عن الإبداع والابتكار ويتوقف إنتاج المعرفة داخل هذه المجتمعات وتتحرك ببطء السلحفاة فتعيد الحياة دورانها في خطها الدائري المغلق وتعيد تكرر ترهلها ومأساتها الإنسانية …
.
.
هذا من جانب ومن الجانب ألآخر تجد الشعب المسكين أو الشعب الضحية التي تجل وتقدس هذه المرجعيات السياسية المستبدة والمتخلفة بشكل أعمى وتلتزم بكل ما تملي عليها من مفاهيم وإحكام وقيم فتبقى هذه المجتمعات تدور في بدوقة شبه عبودية من بينها عبودية القائد الرمز عبودية الحزب عبودية السماء عبودية العادات والتقاليد وغيرها من أنواع العبودية .. فمن يلقي نظرة على الساحة السياسية الكردية والفوضى الجارية فيه على سبيل المثال سيلاحظ بأن هناك السكرتير او القائد المقدس أو الحزب المقدس أو المرجعية العقائدية المقدسة هذا الثالوث الذي يمارس الوصاية على حقوق الشعب الكردي ويتلاعب بمصيره ومستقبله ومستقبل أجياله مع احترامنا الشديد لكل شخص يحترم ذاته وقضايا شعبه من بين هؤلاء …
.
.
أما في الجانب الآخر فتجد الشارع الضحية القاصرة التي تتبعها كمرجعيات مقدسة تلتزم بأحكامها القطعية الغير قابلة للجدل والاستئناف أو المسائلة أو النقد فهي تبقى في حالة الخضوع والإذعان لأوامر القائد وأجنداته الشخصية … هذا من جهة أما بالنسبة للمثقف وبالاختصار فأما أن يبقى معزولاً في صومعته الثقافية يجتر معاناة العزلة وأحيانا الخوف من الملاحقة من هذا الطرف المستبد أو ذاك أو يتحول إلى بوق لأحد الأحزاب وتحت وصاية عضو حزبي جاهل لا يفقه من الثقافة شيئاً…
.
.
ولكن مع ملاحظة عندما يتوفى الأديب أو المثقف فكلنا يعلم الكرنفالات الخطابية للدعاية الحزبية التي تصاحبه إلى مثواه الأخير والاحتفال بأربعينيته وذكراه السنوية واعتقد بان هذه النشطات الحزبية على قبور الموتى وأحيائهم أمواتا لا تحتاج إلى مزيد من الشرح والإيضاح … وحتى لا يختلط الأمور فنحن نقصد بكلمة المثقف بذاك الذي ينتج المعرفة لشعبه ويبذل كافة جهوده ليمنحها المفاهيم القائمة على العلم والمعرفة العلمية الصحيحة ليتمكن من خلال ذلك من تحريرها شيئا فشيئا من القيم والأفكار والعقائد المتخلفة … مقال نشرناه سابقاً في المواقع الكردية ذكرنا إدارة النيت