مجلة الأيكونومست البريطانية , السبت 5 تشرين الأول 2013
ترجمة : تمر حسين ابراهيم
لم تكن نتائج الإنتخابات العامة في كردستان العراق و التي أعلنت في الثاني من تشرين الثاني ’مفاجئة. فقد فاز الحزب المهيمن على بضع مقاعد أخرى، مع نسبة ضئيلة فقط من الأنتهاكات. و انخفض بشكل كبير الرفض الطويل للشراكة مع المنافسين السياسيين ، وأكد الحزب الجديد على حضوره المتزايد.
لكن بالنسبة لهذه المنطقة المستقلة لدرجة كبيرة عن العراق فإن عدم وجود حدث درامي يعدٌ نصرا. محاطة بدول أقوى، بالإضافة إالى الاضطرابات العنيفة ومؤامرات دائمة، أوجد خمسة ملايين من كرد العراق منطقة رخاء وسلام نسبي. أثبت الهجوم الإرهابي في عاصمتهم أربيل، في 29 أيلول على خصوصية وضعهم. حيث كان هذا أول حادث من نوعه منذ ستة أعوام. قتل المهاجمون ستة من رجال الشرطة، لكنهم فشلوا في الوصول إلى هدفهم، المقر الرئيسيي لوكالة الأمن الكردية. على العكس من هذا تعرضت العاصمة العراقية بغداد، في نفس اليوم إلى ما لا يقل عن اثني عشر انفجارا و التي خلفت 55 قتيلا.
يواجه كرد العراق بعض التحديات الصعبة، بدءا من مهمة تشكيل ائتلاف جديد. منذ الحصول على الحكم الذاتي في عام 1991، ’تدار منطقتهم بالإحتكار الثنائي. يمثل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني ليس فقط العقائد المختلفة ولكن مناطق التنافس والعشائر واللهجات. يسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني الموالي لعائلة البرزاني الإقطاعية، على الشطر الغربي من الحدود التركية. بينما يهيمن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ذو الميول الاشتراكية بزعامة جلال طالباني على الحدود الشرقية المتاخمة لإيران. خاض الحزبان حربا عنيفة في عام 1990، ولكن على مدى العقد الماضي تقاسما الغنانم بطريقة ودية. تولى السيد الطالباني رئاسة العراق، وترك رئاسة الإقليم الكردي لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني.
يتعين تغيير هذا التفاهم الودي. شارك الحزبان في قائمة مشتركة في الانتخابات السابقة عام 2009، مستحوذين بسهولة على البرلمان الكردي الذي يبلغ ععد مقاعده 111. في هذه المرة شاركوا منفصلين ,عززت سياسة السيد برزاني الناجحة من حصة حزبه إلى 38 مقعدا، ولكن تراجع رصيد الاتحاد الوطني الكردستاني إلى 18 مقعدا فقط. لم يساعد في ذلك سحر شخصية السيد الطالباني، الذين اصابته جلطة دماغية في كانون الثاني الماضي عن عمر يناهز التاسعة و السبعين، و الذي لا يزال يرقد بمعزل عن التواصل في مستشفى ألماني.
لكن السبب الرئيسي في انخفاض حصة الاتحاد الوطني الكردستاني هو صعود حزب التغيير (كوران باللغة الكردية)، و التي استحوذت علي 24 مقعدا. يديره إلى حد كبير منشقون عن الاتحاد الوطني الكردستاني وتأسس فقط في عام 2009، استفاد من الأستياء الواسع على الأحزاب القديمة بسبب مزاعم بالفساد ,المحسوبية و القمع. و استخوذ الإسلاميون على المقاعد المتبقية ، بينما تملك الأحزاب الصغيرة والأقليات حصة 11 نائب، يتعين الآن على السيد برزاني ليس فقط استمالة الاتحاد الوطني الكردستاني، ولكن الشركاء الآخرين، بما في ذلك امكانية مشاركة حركة التغيير لتشكيل الأغلبية.
قد يكون هذا أقل’ مخاوفه . عندما وقع هجوم أربيل ،بدأت الأخطار المحيطة بالإقتراب من البلاد . المنفذ المحتمل للهجوم كان من جماعة إقليمية تابعة لتنظيم القاعدة ، الدولة الإسلامية في العراق و الشام ( سوريا الكبرى ) ، و التي زاد نشاطها بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. أوردت الأنباء أنها اسقطت مروحيتان للجيش العراقي في الثاني من تشرين الثاني ، تصعيد مخيف و حملة من التفجيرات والاغتيالات التي تستهدف غالبيتها الشيعة ، وهذا يجعل العراق على حافة الإنجرار إلى جولة أخرى من الحرب الطائفية .
في سوريا ،لا تقاتل الجبهة الإسلامية فقط نظام بشار الأسد ، ولكن الجماعات الكردية التي تسعى لتحديد منطقة حكمهم الذاتي في الشمال الشرقي من سورية. كان السيد برزاني حذرا من الجارة تركيا و جماعات عنيدة من الأحزاب الكردية في سورية، حيث يشكل الكرد عشرة بالمئة من سكان ذلك البلد ، حاول عدم الإنجرار إلى النزاع المجاور ، منح بسخاء اللجوء لمئتي ألف أغبيتهم لاجئون كرد من سورية .
لكن من الممكن لجيش كرد العراق القوي ، البيشمركة ، أن ينجروا للدفاع عن أخوتهم الكرد في سورية .و هذا ما يأمله الأسد .حيث انه أرسلَ في الشهر الماضي نائبا كرديا سوريا مواليا , كمُوفَد له إلى أربيل، ليقول للسيد برزاني بأن النظام السوري سيرحب بأي مساعدة لمحاربة المتمردين الاسلاميين .
http://www.economist.com/news/middle-east-and-africa/21587271-iraqi-kurds-haven-peace-being-buffeted-last-turmoil