بدأ تنفيذ الهدنة في سورية يوم السبت 28/2/2016، إلا أنه تم تسجيل عدة خروقات من الطيران الروسي وجيش النظام في كل من ريف دمشق وجسر الشغور واللاذقية التي هاجم فيها قرية “كبانة” بهدف تهديد أخر معاقل المعارضة في جبل الأكراد، ناهيك عن أنها بوابة الطريق لريف جسر الشغور، ومع سير الهدنة عادت المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام وزاد عددها عن 100 يوم الجمعة 4/3/2016، إلا أن إفراداً جبهة النصرة انتقدوا هذه المظاهرات، وفي ذات الوقت سلم الخوجة مهامه لهيئة تسيير أعمال والتي اختارت هيثم المالح رئيساً وقامت بتأجيل الانتخابات إلى 25 آذار، لتقوم بشكل مفاجئ بتغيير هذا القرار وانتخاب أنس العبدة رئيساً لها، وعبد الإله الفهد أميناً عاماً.
.
قوبلت هذه الخروقات بدعوات من فرنسا لاجتماع طارئ لفريق العمل الخاص بالهدنة، كما دفعت رئيس وفد التفاوض أسعد الزعبي باحتمال إلغائها بشكل كامل، وعدّها وزير الخارجية السعودي تأكيداً على عدم التزام النظام بالحل سياسي، بينما أعتبرها الفرنسي مؤشرات لعدم تحقق شروط استئناف المباحثات، أما وزير الخارجية الأمريكي فقد طالب الأسد “بالتحلي ببعض الأخلاق” كرد على زعمه بالسعي لإنجاح الهدنة وإعلانه عفواً عاماً مقابل ترك السلاح، مضيفاً إن بلاده وروسيا اتفقوا على إنشاء نظام لضمان توجيه المهام العسكرية ضد النصرة و داعش، كما دعا كيري ( في إعلانٍ منشور) السوريين بالإبلاغ عن الخروقات، الأمر الذي فسر بـأنه “استدعاء السوريين ليكونوا فاعلين في تنفيذ الهدنة ” في خطوة تؤشر على ازدياد الانسحاب الأمريكي من الملف السوري، انسحابٌ نفاه كيري في رده على تصريح حجاب الذي أشار لتخلي أمريكا عن سورية لروسيا وتحذيره من انهيار الهدنة.
.
من جهة أخرى بيّن الأمين العام للناتو قلقه من التحشد الروسي في المنطقة مع وصول كاسحة الألغام “كوفروفيتس” لشواطئ سورية، مشيراً بذات الوقت بتماسك الهدنة، أما دي مستورا فقد بدأ بتبني طرح الموقف الروسي من الأسد بالادعاء إن مصيره يجب أن يقرره السوريون فقط، واصفاً الهدنة بالصامدة لكن هشة مع وجود نقاط تتواصل المعارك فيها، ونجاحها غير مضمون، وأن فشل وقف الأعمال العدائية -التي نفت روسيا القيام بها من جهتها- يعني تأجيل المفاوضات، وهو ما تم تحديدها بيوم التاسع ثم العاشر من آذار، في حين نفت الهيئة العليا تقليها بياناً رسمياً بخصوصها، بينما أصدر محمد علوش بياناً يعلن فيه رفض جيش الإسلام وقف القتال مع استمرار قصف وقتل المدنيين، بالتوازي مع ذلك أطلقت منظمات في واشنطن تحذيرات من حصار مدينة حلب مع استمرار المعارك بين المعارضة وYPG على طريق الكاستيلو، كما تحاول دول أوربية تقوية هذه الهدنة كالدانمارك التي أبدت استعدادها لإرسال 400 عسكري لمحاربة داعش، وأعلنت الدول المشاركة في غرفتي مراقبة الهدنة عن التفاؤل مع انخفاض عدد القتلى ،ونشرت مصادر منها إمكانية دعوة صالح مسلم للمفاوضات لتكون أكثر شمولية، بينما قام قادة 4 دول أوربية :بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا بالاتصال ببوتين لتعزيز الهدنة ودعوه إلى جانب النظام لوقف انتهاك حقوق الإنسان، وأكد الكرملين هذا الاتصال على إن نتائج اتفاق الهدنة بدأت تحقق نتائج إيجابية، بينما رأى إن الانتخابات البرلمانية المزمع إجراءها الشهر المقبل ليست معرقلة للسلام.
.
الخطة “ب “وتنامي الطرح الفيدرالي
.
تباينت الآراء حول الخطة “ب”، إذ أشار القائد السابق لقوات الناتو بأنها قد تكون حملة برية مع السعودية وتهدف لإنشاء منطقة حظر للطيران بالتعاون مع الأردن الذي حصل على طائرات أمريكية جديدة لتعزيز قوة التدخل السريع لديه، وظهرت بوادر هذا الدعم في سيطرة قوات جيش سوريا الجديد على معبر التنف الحدودي وكأنه بداية لتطبيق الخطة (ب) من منظور السعودية (إلا أن التنظيم أعاد السيطرة عليها)، وتراجعت أمريكا عن تفسيرها الأولي لهذه الخطة ( صعوبة بقاء سورية إن لم تنجح المفاوضات) مع عدم دعمها لتشكيل حكم ذاتي للأكراد رغم أنها بدأت بإنشاء مطارين عسكريين في مناطق الإدارة الذاتية، ترافق هذا التراجع مع تصريحات روسية بأنه من الممكن أن تصبح سورية دولة اتحادية، وتزامن مع تصريحات رئيس العلاقات الخارجية في كوباني / عين العرب حول مشروع فيدرالي، وزيارة ممثل أوباما للتحالف الدولي مع مسؤولين غربيين كبار لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية والتي ناقشت معهم إعلان الفدرالية (حسب رئيس الهيئة التنفيذية في الإدارة)، بينما زار هيثم مناع الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية مدينة القامشلي وصرح إن نظام اللامركزية في الحكم هو الطريقة الوحيدة التي ستخلص سورية من الفوضى، وبينت رئاسة إقليم كردستان العراق موقفها الداعم للفيدرالية، أما عربياً فقد أشار وليد جنبلاط إن مهندسيّ تقسيم سوريا هما كيري و لافروف.
.
أما ميدانياً، شهدت “قسد” تقدماً عسكرياً جنوب الشدادة باتجاه مركدة، بينما وصل داعش في ساعات إلى مدينة تل أبيض ومحيطها، والتي أدت لمقتل 43 من عناصر YPG (أدعى التنظيم إن الرقم أكثر)، ويعمل النظام على تقوية الفوج 154 جنوب القامشلي عبر تسليح عشرات من العرب في محاولة لخلق توازن ضد YPG.
.
السعودية وسبل صد النفوذ الإيراني
.
في إطار استمرارها لمحاصرة طهران، قامت السعودية بقطع المنحة العسكرية المقدمة للجيش اللبناني للضغط على الحكومة اللبنانية ومنع استفادة حزب الله، تبعتها باعتبار الحزب بكافة الفصائل التابعة له منظمة إرهابية من قبل التعاون الخليجي، تم إلحاقه بقرار من مجلس وزراء الداخلية العرب وسط تحفظ عراقي ولبناني دبلوماسياً وحكومياً، الأمر الذي أعتبره حسن نصر الله دعوة للفتنة في لبنان وإنه قرار طائش وعدواني، وتزامن هذا مع مقتل 20 عنصراً من ميليشياته في سورية خلال 10 أيام، بينما أعلن الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي دعمه للملكة وطالبها بتسليح المعارضة السورية بدلاً من الجيش اللبناني، وطالب الحريري وحلفائه حزب الله بوقف الهجوم على المملكة التي لم تقم عبر المليارات المقدمة للبنان ببناء ميليشيا كما فعلت إيران، وتدرك السعودية أن عودة القوة لنظام الأسد ستجعلها هدفاً مستقبلياً وفقاً تصريحات مسؤولي النظام، ولأن الحسابات المالية هو ما يهم مصانع الأسلحة الأمريكية طالبت واشنطن السعودية بإتمام الصفقة ودفع مبلغ 462 ثمن ست طائرات حربية، في حين توضح المؤشرات بان السعودية قد تحول هذه الأسلحة لقوات الشرعية اليمنية.
.
وعلى مستوى العلاقات الدولية للمملكة فقد توجه ولي العهد السعودي لفرنسا لزيادة التقارب مع توجهات الرياض وأنقرة حيال “النظام وPYD، بينما دللت تصريحات مبعوث أوباما بأن المملكة حول عدم إمكانية المملكة دخول أراضي العراق دون موافقة بغداد، على أن واشنطن لا تزال غير متحمسة لفكرة التدخل البري للملكة.
.
التقرير الأسبوعي لوحدة المعلومات
وهي مؤسسة بحثية مستقلة ذات دور رائد في البناء العلمي والمعرفي لسوريا والمنطقة دولةً ومجتمعاً وإنساناً، ترقى لتكون مرجعاً لترشيد السياسات ورسم الاستراتيجيات.