* جوان سوز
.
أثار المؤتمر الصحفي المشترك بين السيد ‘ خالد خوجة ‘ رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والسيد ‘ لؤي حسين ‘ رئيس تيار بناء الدولة، جدلاً واسعاً بعدما طلب الثاني ” لؤي حسين ” إبعاد علم الثورة السورية (علم الاستقلال) عن المنصة الإعلامية قبل بدأ المؤتمر الصحفي، وهذا ما نفّذه ‘ خوجة ‘ تماماً دون أية ردود أفعال معاكسة له يوم أمس بمدينة ‘ اسطنبول ‘ التركية، بوجود الصحفيين ومراسلي فضائيات تلفزيونية مختلفة .
.
لكن سرعان ما اشتعلت ردود الأفعال على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ” الفيسبووك ” و ” التويتر ” ما بين معارضٍ ومؤيد لتلك الخطوة التي قام بها ” حسين “، فالبعض طالب باستقالة ‘ خوجة ‘ لأنه أهان دماء الشهداء الذين سقطوا في ظل تلك الراية على حد وصفهم خلال سنوات الثورة السورية، فيما طالب آخرون باعتذار رسمي منه !
.
في حين كان تصرّف ” حسين ” هذا، فرصة كبيرة للبعض بشتم الطائفة العلوية، خاصة إن ” حسين ” ينحدر من تلك الطائفة، وكان قد اتخذ موقفاً من ” جبهة النصرة ” التي سيطرت على مدينة ” جسر الشغور ” بريف إدلب مؤخراً، وهي على مرمى حجر من قرى العلويين في الساحل السوري، لاسيما وإن العديد من الكتائب الإسلامية الراديكالية، خطفتْ وقتلتْ عشرات العلويين في بداية ” عسكرة ” الثورة السورية، فقط لأنهم علويين، فتلك الكتائب لا ترى إلا المكوّن السنّي حاضنة شعبية لها، وهذا ما قد يكون سبباً لرفض ” حسين ” لعلم الثورة الذي رفعته أيضاً بعضاً من هذه الكتائب الإسلامية التي خطفت وقتلت العلويين !
.
لكن المثير للجدل، إن الذين طالبوا باعتذار رسمي من ” خوجة ” واستقالته أيضاً، فقط لأنه أبعد علم الثورة السورية عن المنصة دون أن يرفض ذلك من قبل ” حسين “، كانوا قبل فترةٍ وجيزة يصفون علم ” كُردستان ” الذي أبعده معارض سوريٌ في مدينة ” غازي عنتاب ” التركية في يوم عيد النوروز، إنه ” رقعة قماش ” ولا يحتاج لكل ردود الأفعال تلك والتي اشتعلت أيضاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لأنهم وجدوا في ذلك تقليلاً من شأن الشهداء الكُرد الذين سقطوا في أقبية الفروع الأمنية وبالرصاص الحي أيضاً، كما إن عيد النوروز هو مناسبة كُردية وليست سوريّة، وكان الكُرد يرفعونه في مناسباتهم القومية في سوريا علناً على الرغم من الدماء الطاهرة التي كانت تسيل ثمناً له، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة، هو : لماذا يعتبر هؤلاء، علم كُردستان ” رقعة قماش ” فيما ينظرون لعلم الثورة بأنه مقدّس ولا يجوز المساس به لا من قريب ولا من بعيد !؟ أليس هو أيضاً رقعة قماش في نهاية الأمر !؟
.
والغريب هنا، إننا لا نستطيع مقارنة ” تيار بناء الدولة ” الذي يعتبر من معارضة الداخل السوري، ويرأسه ” حسين ” ، بأحزاب المجلس “الوطني الكُردي في سوريا” والذي يمثل الكتلة الكُردية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فتيار لؤي حسين حديثٌ التشكيل ولا يمكن مقارنته بالأحزاب الكُردية التي ظهرت في خمسينيات القرن الماضي، ألّا أنّه، أعني التيار، أستطاع أن يفرض نفسه بقوة على ” الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ” في الوقت الذي عجز فيه ” المجلس الوطني الكُردي في سوريا ” ورغم عراقته وجهوده الوطنية تجاه أبناءه الكُرد، على رفع علم كُردستان في مناسبةٍ قومية كُردية مثل ” عيد النوروز ” دون أن يستطيع لليوم الحصول على اعتراف رسمي بالكُرد في سوريا كثانِ أكبر قومية تعيش على أرضها التاريخية خلال السنوات الأربعة الماضية، وهنا ربما، يجوز لنا الاستعانة بالمثل الشهيرو الذي يقول ” كما تدين تُدان، وهذا ما حصل لعلم الثورة بعد علم كُردستان !
.
* كاتب وصحافي كُردي سوري .