أطل علينا نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية صلاحيته قبل ولايته، وهو يهم بالقاء كلمته الاربعائية، التي باتت نذير شؤوم على ما تبقى من العراق. صراحة، وليسامحني في هذا السيد المالكي وبوقه الاعلامي، وما أوسعه، لا أتذكر كلمة له خلال الثماني سنوات المنصرمة من عهده (الميمون)، تخلو من سياسات لم تطبق، عهود لم تر النور، شعارات براقة. وفي الولاية الثانية زاد عليها، كيل الاتهامات لهذا الشريك السياسي وتخوين ذاك وتوجيه التهديدات للآخر. ما ميزت كلمته لهذا الأسبوع، عدا عن تهديده الصارخ للجميع من دون استثناء، عندما طالب الجميع بمعاونته على (حرب داعش) كما سماها، وقبل فوات الآوان. اما ماذا هو فاعل، بعد فوات الآوان؟ تهديد فحسب. أقول ما ميزت كلمة المالكي الاسبوعية، هو نفاقه الفاضح. تحدث المالكي عن مآساة المسيحيين العراقيين في الموصل، وقال ما معناه: اننا لن ندير ظهرنا للمسيحيين ولن نسمح بتهجيرهم. صح النوم، يا دولة رئيس الوزارء. أولا، اطمئن يا دولة الرئيس بانه لم تبق عائلة مسيحية واحدة داخل مدينة الموصل. الجميع طردوا وهجروا بعد تجريدهم من أموالهم العينية ومقتنياتهم وحتى موبايلاتهم، من قبل الارهابيين المتخلفين الذين اتيت بهم، سيرا على نهج النظام السوري في تشويه صورة الثورة السورية. لأول مرة في التأريخ، الموصل بلا مسيحيين في عهدك وأمام أعين قادتك القابعين عندك في المنطقة الخضراء، وأجهزتك الأمنية وجيشك الجرار الذي أصرفت عليه المئات من مليارات الدولارات من أموال وقوت الشعب العراقي. والآن، بعد خراب الموصل، وبعد اكمال عملية افراغها من المسيحيين، وقبلهم من الكورد الايزيديين والكورد الشبك ومن ثم الكورد المسلمين، تأتي وتقول لن ندير ظهرنا للمسيحيين؟ في الحقيقة لم تدر وجهك لمعاناة المسيحيين والمكونات الأخرى كذلك، ولو مرة واحدة خلال العشر سنوات الماضية. كان يعيش في الموصل(المدينة فقط) قبل عشر سنوات، عشرات الآلاف من المسيحيين، وفي الآونة الأخيرة أصبحوا لا يتجاوزون عشرين ألفا، وجميعهم هجروا وتركوا مدينتهم في أثناء ولايتيك (الميمونتين). الم أقل لك دولة الرئيس: نافقت والله. وقمة النفاق، عندما ترثي يا سيادة رئيس الوزراء المسيحيين في فواجعهم وتهدد وتتوعد من أجبرهم على الهجرة، وأنت لم ترسل لحد كتابة هذه السطور، دينارا عراقيا لمساعدتهم، وتحت ايديك، مع الأسف، كل أموال العراق وموارده!! وهو يتحدث عن المسيحيين، نطق بكلمة واحدة وهو واقف على جبل النفاق، نطق نوري المالكي باسم الكورد، فقال: الارهابيون يهجرون المسيحيين والكورد. الكورد في الموصل، كما المسيحيون، من أهالي المدينة الأصلاء. وان المكونين، تعرضا معا لحملات التهجير القسري من قبل الارهابيين وفلول البعث في الموصل، منذ 2004، حتى تمكن الارهابيون من أفراغ الموصل تحت تهديد القتل والخطف وتفجير المنازل، بدأ بالكورد الايزيديين، ثم الكورد الشبك، وأخيرا المسيحيين. والآن مدينة الموصل بلا مسيحيين وبلا كورد الا ما ندر. تتحدث عن ضرورة (حماية) الكورد من ارهابيي داعش؟ وتطالب الكورد بمساعدتك على محاربة داعش؟ الكورد أولى ضحايا داعش وحلفائهم البعثيين والجماعات الارهابية الأخرى، وبالتالي كانوا وسيبقون في مقدمة محاربي الارهابيين بكل أشكالهم وعناوينهم، ولكن ليست لحسابك ولحساب عصاباتك. هل هناك فرق بين داعش والبعثيين وعصائب الخزعلي وفرق الموت التي تديرها أنت يا دولة رئيس الوزراء؟ ألم تهدد عصابات الخزعلي وغيرها الكورد بالتهجير من بغداد والجنوب العراقي بشكل مكشوف ومن على وسائل الاعلام، ماذا كانت ردة فعلك؟ هل تتذكر يا دولة رئيس الوزراء المجازر التي قادتها عصائبك، العام المنصرم في الزيونة، عندما قتلت العصابات الممولة منكم العشرات من الكورد الايزيديين؟ شباب أجبرتهم البطالة والفقر والعوز على الذهاب الى بغداد. ماذا فعلت؟ ألم أقل لك، نافقت يا دولة الرئيس. أتتهم الكورد بعدم محاربة داعش وايواء قادة البعث؟ في هذه لم تنافق فحسب، بل خسئت أيضا. الكورد، لايجمعهم أي شيء مع الارهابيين الا الحرب. في حرب الأرهاب لم ولن يقف في المنطقة الرمادية. الارهاب واحد عند الكورد. الارهابي، ارهابي لأعماله، لا لقوميته أو دينه أو مذهبه أو لمصلحة ظرفية أو موقف سياسي معين. الكورد لا يحاربون هذه الجماعة الارهابية ويمولون أو يؤون تلك. لا فرق بين عند الكورد بين بن لادن وحسن نصرالله. لا يميز بين دولة الخلافة في الموصل ودولتك الميليشياتية في بغداد. أما البعث وايوائهم أو مجاملتهم كما تدعي انت وووصلت بنوابك الوقاحة، فهذا تجاوز ما بعده تجاوز. نحن من حاربنا البعث. ضربنا بالكيمياوي وأنفلنا وحاول ابادتنا ودفعنا مئات الآلاف من الضحايا ولم نستسلم، وبقينا نقاومه الى أن ساهمنا باسقاطه وارساله الى مزبلة التأريخ. هل يعقل أن نأويه اليوم؟ بمنتهى الصراحة، هذه الأعمال تليق بكم فقط. والدليل، انظر حواليك ودقق في سجلات جنرلاتك الذين فضلتهم على الشرفاء من العراقيين ووليتهم قادة للفيالق والفرق والقوات، وأخيرا حصدت ما زرعت. الأدهي من كل ذلك، ان نوري المالكي وحاشيته يعلمون قبل الجميع علم اليقين، ان لا ولاية ثالثة له، وهو ذاهب، ليس لسبب ما الا لانه تلقى الأوامر العليا بالانسحاب من الترشح للولاية الثالثة وهو وعد بالالتزام والانسحاب صاغرا. وأختم، فوجئت بفاجعة أخرى وأنا أكتب هذه السطور. ارهابيون اعترضوا سيارات نقل السجناء قرب التاجي في قلب بغداد وفي وضح النهار، فأجهزوا بدم بارد على العشرات من السجناء. الفاعل بائن بيان الشمس. عصائبك، كما تشير الدلائل وتعتقد الغالبية. أترانا ظلمنا المالكي حينما اعلنا تحوله من رئيس وزراء الى رئيس عصابة مسلحة؟ طبعا لا. اذن انت ذاهب لا محال. ليس الى البيت، بل الى المحكمة يا دولة رئيس …. العصابة