بدأت عموم الشخصيات العربية و الكتل السياسية و المعارضة إلى جانب النظام تقرع طبول الحرب ضد الكورد بصخب عالي و كأنهم يبدأون بإنتهاج فصل جديد من الإضطرابات و المستنقعات أكثر مما هم فيه ضد الشعب الكوردي عموماً بعد إن كان همهم الأول يتمثل في إزالة النظام و التخلص من الديكتاتورية و آثارها فأصبح النظام و أضداده يتفقون على محاربة الكورد بشكل عام و ضد طموحاتهم فيتحول الثوار الذين كانوا حتى الأمس( يقارعون) النظام إلى إرهابيين يوجهون بنادقهم إلى صدور الشعب الكوردي في عقلية الإستحكام و الثأر و قوة رفض المجتمعات العربية بشكل عام لمبدأ التعددية و وضع الحلول و الدساتير بما يتناسب مع وضع المنطقة و شعوبها و إعادة توزيع الخرائط من أجل تحقيق نظام جديد للإستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
.
يمكن للعقول العربية أصحاب المواقف الطوباوية أن يبدأوا في قرع طبول التهديد و الوعيد و ربطها بالمؤامرات و غيرها من الإسطوانات المملة و المشروخة و لكنها تعبر عن حقيقة ما يدور في الكواليس العربية تجاه الشعب الكردي و قضيته العادلة و معاداتهم لكل تطلعات الشعب الكردي نحو الحرية و الديمقراطية و بناء نظام إتحادي فيدرالي و التخلص من ظلم الإستبداد و معاناته و لو بقيت عقلية العرب في سوريا هكذا فسوف تنتهي بعدة كوارث منها استمرار إنتشار حالة الفقر و البؤس المنتهجة في البلاد منذ عقود طويلة و بقاء العقلية الإقصائية تتحكم في السلطة و تحتكر العدالة و تنهب أموال الدولة لتظهر من بدل الحوت الواحد حيتان يمتصون دماء الذين يعارضون مبدأ الدولة الإتحادية و النظام الديمقراطي تحت يافطة مهترئة و هو الحفاظ على وحدة سوريا و هذا يعني بأن الجزء المتبقي من السوريين مهددون بفقدان مورد رزقهم في القريب العاجل، و هذا يعني فتح المجال أمام القوى الإرهابية التي تمتد في المنطقة للسيطرة على المنشآت النفطية و سوف تصبح قوة ضاربة في جميع الإتجاهات لتهدد حتى الدول المجاورة التي تدعمها الآن مثل تركيا و هي حدود طويلة و مفتوحة أمامهم.
.
و لكن ما زال أصحاب المواقف الطوباوية يرددون خطاباتهم المشهورة لا للتدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية و لكن نعم لحمايتنا بدون أي مقابل و يحلمون بحل مشاكلهم بأنفسهم بدون إبداء أية رغبة جادة في تحقيق ذلك، خطاباتهم جميلة على الصعيد العاطفي بين الجماهير و لكنها غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع هذا الخطاب الذي فشل فيه جميع الأطراف السياسية منها و العسكرية فشلاً ذريعاً و الدليل على ذلك هو عدم التوافق حتى الآن على أبسط المسائل بعد إن دفعت سوريا نصيبها من التخريب و الدمار ثمناً لصراعات و مزايدات السياسيين اللصوص و العسكريين الإرهابيين الفاشلين على بعضهم البعض و لا سيما مزايدات الجماعات الإسلامية الذين أفرغوا المنطقة من أهلها لصالح مشروعهم أسلمة المنطقة و الإرتماء في أحضان الآخرين الذين تتقاطع أفكارهم معاً.
.
و لمواجهة هذه الأزمة لا بد من وضع سياسي مستقر في البلاد يسمح للجميع بالجلوس على طاولة واحدة و بنوايا التفاني و الإخلاص و التنسيق في المواقف بين جميع الأطراف و تشكيل نواة جيش حقيقي من الجميع يقوم على حراسة الحدود و التخلي عن النيات المبيتة تجاه الآخرين بشعارات فضفاضة منها الحفاظ على وحدة الآراضي السورية لأنه من المستبعد أن يكون هناك تدخل عسكري على الأقل في الفترة القريبة بسبب عدم توافر الأجواء الإيجابية حتى بين قوى المعارضة أنفسهم و الكل يبحث عن مصالحه على حساب الآخرين حتى الجماعات المسلحة لا يتحكم فيها أحد و ليس لها ضوابط و لو نجح السوريون في الوصول إلى حد أدنى من التوافق فسوف يتحكمون بمسارات الأحداث و التأثير على القرارات الدولية و التخلص من المنظمات الإرهابية بمساعدة المجتمع الدولي و إذا لم يتفقوا فإنهم يتحملون المسؤولية التاريحية و الأخلاقية عن ما يحصل لسوريا و تبقى السيناريوهات مفتوحة لكل الإحتمالات و الأخطار و قد يكون سيناريو التقسيم هو الأسهل و الأرحم و الأقرب إلى الواقع السوري إذا لم يتم التوافق في الفترة المقبلة.
.
مروان سليمان
19.03.2016