كوردستريت || الصحافة
قارنت صحيفة “جيروزاليم بوست” بين انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من لبنان، وتتحدث عن شبه كبير بين الهزيمتين.
وقال كاتب المقال في الصحيفة “في 24 مايو/أيار 2000، وتحت جنح الظلام، أنهى الجيش الإسرائيلي على عجل انسحاباً متسرعاً وفوضوياً من لبنان”.
واضاف “الانسحاب نفسه كان متوقعاً منذ فترة طويلة، وكان رئيس الوزراء في ذلك الوقت، إيهود باراك، قد خاض حملته الانتخابية بنجاح، قبلها بعام، على وعدٍ بسحب القوات من لبنان بحلول تموز/يوليو 2000”.
وتابع “لكن الأحداث على الأرض قلبت خطط، وبدلاً من أن يتم الانسحاب بطريقة منتظمة، تم الانسحاب بين عشية وضحاها وبطريقة غير منتظمة، حيث سرعان ما اجتاح حزب الله المواقع التي سلّمتها “إسرائيل” لحلفائها، جيش لبنان الجنوبي، وكان هناك تدفق هائل للاجئين، وعنونت يومذاك صحيفة “الغارديان” الحدث: “الفوضى والإذلال مع انسحاب إسرائيل من لبنان”.
بعدها بأسبوع، أجرى باراك مقابلة مع مجلة “تايم” دافع فيها عن الانسحاب، ونفى أن يكون له تداعيات سلبية طويلة المدى على “إسرائيل”، حسب الصحيفة.
وقال “حالما نكون داخل “إسرائيل”، ندافع عن أنفسنا من داخل حدودنا، الحكومة اللبنانية والحكومة السورية تتحملان مسؤولية التأكد من عدم تجرؤ أحد على استهداف المدنيين الإسرائيليين أو القوات المسلحة داخل إسرائيل، أي انتهاك لهذا قد يصبح عملاً حربياً، وسيتم التعامل معه على هذا الأساس. لا أنصح بأن يجرّبنا أحد بمجرد دخولنا إسرائيل”.
وتابع “حزب الله، للأسف، لم يتلقّ هذه الملاحظة أبداً. المنظمة الإرهابية اختبرت الحدود بشكل فوري ومستمر حتى حرب 2006، عندما تمت استعادة الردع الإسرائيلي، الذي خسرته “إسرائيل” مع الانسحاب. ومع ذلك، تم إطلاق قذائف صاروخية من جنوب لبنان خلال الأسبوعين الماضيين، وزاد حزب الله ترسانته الصاروخية بشكل كبير منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي”.
واضاف “دفاع باراك عن الانسحاب تبادر إلى الذهن مع مشاهدة دفاع الرئيس الأميركي جو بايدن الجريء في يوم الاثنين عن قراره بسحب كل القوات الأمريرة من أفغانستان، مما أدى إلى استيلاء طالبان السريع على البلاد، بما في ذلك العاصمة كابول”.
وقال الكاتب في مقاله “كان الكثير مما جاء في كلامه هو إلقاء اللوم على الجميع، باستثناء نفسه، على التحول المروّع للأحداث، وألقى باللوم على سلفه، دونالد ترامب، الذي تفاوض على اتفاق لانسحابٍ كامل للقوات الأميركية كان ترامب يأمل أن يتم قبل ثلاثة أشهر، وألقى باللوم على القيادة الأفغانية والمقاتلين الأفغان لعدم استعدادهم للقتال من أجل بلدهم”.
إلقاء بايدن اللوم على هؤلاء اللاعبين كان في مكانه الصحيح، لكنه لا يُعفيه من الفوضى في المطار، أو أن حوالي 300 ألف أفغاني ساعدوا الولايات المتحدة وحلفائها في البلاد على مدى العقدين الماضيين أصبحوا الآن تحت رحمة طالبان، أو أن الولايات المتحدة، مع أفضل استخبارات تمويلاً وتجهيزاً في العالم، فشلت في التنبؤ بمدى سرعة سيطرة طالبان على البلاد، ،حسب الكاتب.
وقال “قبل خمسة أسابيع فقط، قال بايدن في مؤتمر صحفي لم يصبح قديماً وسيُذكر وسيُكرر طويلاً بسبب التعليقات التي غابت عن الهدف تماماً، إن ما شاهده الجميع خلال اليومين الماضيين لن يتحقق أبداً، وسُئل بايدن: “هل سيطرة طالبان على أفغانستان أمر حتمي الآن؟”. أجاب: “لا، ليس كذلك””..
ولدى سؤاله عما إذا كان يرى أي أوجه شبه بين انسحاب الولايات المتحدة من سايغون في سنة 1975 وما يمكن أن يحدث في أفغانستان، أجاب بايدن: “لا شيء على الإطلاق. صفر… طالبان ليست جيش فيتنام الشمالية. إنهم ليسوا – لا يمكن مقارنتهم من حيث القدرة. لن يكون بأي حال ظرف ترى فيه الناس يتم انتشالهم من على سطح سفارة”، قال الكاتب.
صحيح، لم يتم رفع الأشخاص من سطح السفارة الأميركية في كابول، ولكن شوهد شخصان يسقطان حتى الموت بينما كانا معلقين بطائرة نقل C-17 تقلّ الناس خارج البلاد، هذا أمر يتحمل مسؤوليته بايدن، وليس سلفه ولا القيادة أو الجيش الأفغاني، حسب الكاتب.
واكد الكاتب “من الواضح أن بايدن أدلى بتعليقاته قبل خمسة أسابيع بناءً على تقارير استخبارية كان يتلقاها في ذلك الوقت، وهي معلومات استخبارية كانت خاطئة تماماً. نتيجة لذلك، لم يتم تنفيذ إجلاءٍ منظم للأفراد الأميركيين والأفغان الذين ساعدوا الولايات المتحدة على مر السنين، ربما خطط ترامب للانسحاب، لكن بايدن طبقه، وكيفية تنفيذه كانت كارثة يتحمل مسؤوليتها”.
وختم الكاتب مقاله “عندما قتلت الولايات المتحدة بن لادن، قضت على مهندس أسوأ هجوم على الولايات المتحدة منذ هجوم بيرل هاربور. لكنها لم تهزم الإسلام الراديكالي الذي غيّر المنطقة منذ أواخر السبعينيات – من إيران إلى السعودية ومن باكستان إلى لبنان”. (الميادين)