بعد اشهر من الجفاء والمشاجرات الكلامية والحرب الباردة الناتجة عن الريبة وعدم المصداقية بين مصر وتركيا وقطر اثر عزل الرئيس السابق محمد مرسي والإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية الجديدة وعلى رأسها المشير عبد الفتاح السيسي ,ضد جماعة الإخوان المسلمين واتهامها للدوحة وانقرة بتوفير الدعم ومد يد العون والمساعدة لها ,فيما كان قطر وتركيا تصران على رفض ما يصفه بالإنقلاب في مصر مرفقاً بإنتقادات لاذعة لقمع السلطات المصرية لجماعة الإخوان والتشديد عليها وعزلها سياسياً وإدارياً من جميع الإدارات والمناصب العليا والمؤسسات الحيوية المؤثرة في الداخل واتهامها بالإرهاب وزج قياديين لها في السجن .
.
حيث وجدوا مضطرين في محور واحد لتقارب المصالح والاجندات التي يحتم عليهم لمواجهة النفوذ الايراني المتصاعد وبالذات في اليمن ,فهذا يدل على أن هناك ترتيبات جديدة لهذه المرحلة الحساسة والمخيفة من تاريخ الشرق الاوسط ,تتجه على ما يبدوا نحو تغييرات الجيوسياسية برسم خرائط جديدة تكاد تكون كارثية بالنسبة لهم وصعود قوى جديدة أو اقاليم شبه مستقلة على اساس عرقي او طائفي المهمشين ,ما يؤثر سلباً على علاقة بعض هذه الحكومات بشعوبها للحد من نفوذها وهيبتها ,ودرء الآخر خطر الفيضان الذي وصل الى باب دارها ,
.
هنا وجدت السعودية لزاماً عليها ان تقود التحالف ضد ميليشيا الحوثيين والرئيس المعزول علي عبدالله صالح ونجله احمد ,دعماً لشرعية الرئيس هادي المحاصر في مدينة عدن الجنوبي قبل فراره الى شرم الشيخ ,والذي حتماً سيكون له أثر على المحاور والتحالفات السياسية في المنطقة ,فالكل له غاياته واهدافه من هذه الحرب القائمة باسم “عاصفة الحزم ” .فتركيا منزعجة من سياسة ايران واطماعها التوسعية لإعادة امجادها التاريخية وتدخلها السافر في شؤون العراق واحتلالها لبغداد وسيطرتها على الاحزاب الشيعية ودعمها القوي للحشد الشعبي التابع للحرس الثوري الايراني وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني ,الذي يتحرك بين الاراضي العراقية واليمنية ,وكذلك الإستيلاء على سوريا ودعمها اللا محدود للأسد ونظامه .
.
أما مصر فإن أمنها من أمن الخليج وسيطرة ايران على مضيق باب المندب يعني ان ناقوس الخطر قد دق وإن صبرها قد نفذ ,فلم يعد يبقى لها ان تقف مكتوفة الأيدي والسعودية تصدر نفطها عبر هذه البوابة الى الخارج ,خاصة والسيسي بحاجة الى مليارات الدولارات للقيام بالإصلاحات الإقتصادية الضرورية داخلياً ,وهو بحاجة ماسة لرؤوس اموال خليجية وهذه فرصة له ليثبت هو الآخر قدميه على البساط ,لقد أيدت حكومات اقليمية ودولية كبرى الخطوة العسكرية هذه بعد ان استوفت المسوغات القانونية والشروط المطلوبة ,خاصة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا العظمى ,سيما سبقت للأمم المتحدة ان اعترفت بشرعية الرئيس هادي .
.
لذا يحق له قانوناً الدعوة للتدخل بعد مطاردته من قبل المتمردين والخناق عليه بهدف حماية الدولة اليمنية ونظامها السياسي ووضع حد للفوضى العارمة والاقتتال الداخلي والحرب الاهلية المدمرة التي اعصف البلد منذ زمن ,لا اظن بأن هدف الحملة هو القضاء على الحوثيين والمعارضين الآخرين بقدر ما هو دفع الاطراف المتصارعة على السلطة للعودة مجدداً الى الحوار والتفاوض والبحث عن حل سياسي وفق معايير دولية متفق عليه خاصة الامم المحدة ومجلس الامن , الكل يتفهم ضرورات السعودية لهذه الحملة ومعها مجلس التعاون الخليجي واضطرارهم للتدخل لدعم الشرعية , والحدود الجغرافية الطويلة التي تربطها باليمن تجعلها معنية حكماً بأمنها .
.
صبري حاجي … المانيا
30.3.2015