كوردستريت – شيركوه عثمان / جاء قرار الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي مؤخرا بعد 43 عاما منذ انضمامها عام 1973 م إليها؛ وذلك بعد استفتاء شعبي بدعم 51,1% مقابل 48,9% فيما جاءت التحليلات السياسية وبعضها الاقتصادية متقاربة في وجهات النظر بين الأطراف الكوردية المتعددة ذي الرؤى المختلفة، فمنهم من وضعها في خانة الضعف الاقتصادي الذي تعانيه الدول الكامنة ضمن الاتحاد، ومنهم من رجح إلى انعدام دورها السياسي بسبب قرارات الاتحاد الاوروبي؛ وكذلك هناك آراء ترى قرار الاتحاد الأوروبي باستقبال اللاجئين كان محط السخط لدى بريطانيا والانسحاب جاء للحد من توافد اللاجئين .
.
وللوقوف عند هذا الموضوع استطلعت شبكة كوردستريت الإخبارية اراء النخبة من السياسيين الكورد، والتعرف على تحليلهم لهذا القرار، والبداية كانت مع العضو السابق في هيئة الاركان العسكرية”يلماز سعيد” الذي رجح ذلك إلى وجود سببين رئيسيين قد يكونا دفعا المملكة المتحدة إلى الانسحاب أو أنها ستستعمل نتيجة الاستفتاء كـ”ورقة ضغط للتفاوض على الأسباب و إيجاد حل لها” منها:سيطرة عملة “اليورو” في الاتحاد الأوروبي على حساب الجنيه الإسترليني؛ وكذلك الهجرة أيضاً هي سبب خلاف رئيسي بينها وبين بقية دول الاتحاد الأوروبي؛ لأن بريطانيا ترى أن قوانين الاتحاد هي السبب في تدفق المهاجرين إليها وهم يشكلون عبئاً مادياً كبيراً عليها لذا فهي تطالب بوضع آلية للحد من الوافدين إلى أوروبا حسب تعبيره .
.
معتقدا بأن بريطانيا إذا انسحبت فإنها ستقوم بتقليد ومحاكاة “سويسرا” التي ليست دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي لكنها تتفاوض معه على اتفاقيات تجارية على أساس المثلية في التعامل من خلال اتفاقيات ثنائية متعددة على حد تعبيره .
.
فيما يرى نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض الدكتور “عبدالحكيم بشار” في حديث خاص لكوردستريت بأن بريطانيا أحد الدول الرئيسية للاتحاد إلى جانب فرنسا وألمانيا وخروجها سينعكس سلبا على الاتحاد الأوربي عموما سياسيا واقتصاديا، ولكن سيكون التاثير السلبي على بريطانيا أكثر خاصة هناك مقاطعات تتمتع بوضع فيدرالي مع انكلترا قد ترغب في البقاء داخل الاتحاد الأوربي مما قد يؤدي بها إلى إعلان انفصالها عن بريطانيا وباختصار ستتأثر بريطانيا سلبا أكثر على حد تعبيره .
.
وبحسب الحقوقي والقيادي في حزب الوحدة “زرادشت محمد” فأن السبب هو تقلص دور المؤسسات المالية الأوربية والتدخل بشأن الدول الأعضاء وباقتصادياته عن طريق الشركات العملاقة لبعض الدول وخاصة ألمانيا هو ما يؤثر على اقصاديات الدول الأوربية ذات الاقتصاد المتوسط والضعيف، مؤكدا بأن الانسحاب سيعكس سلبا عليها.
.
ومن جهته أوضح سكرتير حزب اليسار الكوردي “شلال كدو” بأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي شكل ضربة كبيرة لأوروبا، نظراً لأهميتها وثقلها السياسي والمالي ودورها التاريخي في سائر النواحي، حيث أحدث نتائج استفتاء البريطانيين حول البقاء في أوربا موحدة من عدمها صدمة لمعظم الدول الأوربية المنضوية تحت خيمة الاتحاد، الذي يعد أحد أبرز كبريات القوى الاقتصادية والسياسية في العالم، مشيرا بأن النتائج خالفت معظم التوقعات التي كانت تميل أو تعتقد بأن البريطانيين سيبقون على بلادهم عضواً قيادياً فاعلاً في النادي الأوربي، ولكن جرت الرياح بما لاتشتهي السفن .
.
مضيفا بأن أيا ً كان الأمر فأن هنالك -كما يبدو- تصميماً من دول الأعضاء ولاسيما الكبرى منها كألمانيا وفرنسا بأن يبقى الاتحاد الأوربي كما كان، وكذلك إجراء بعض الإصلاحات في مؤسساته المختلفة، ليواكب الزمن ويستمر كما كان قوة سياسية واقتصادية كبيرة لا يستهان بها على مستوى العالم أجمع، رغم أن الانسحاب فتح شهية اليمين المتطرف في عدد من دول الأعضاء كـ هولندا وفرنسا وغيرهما على المطالبة بأجراء استفتاءات مماثلة على العضوية.
.
اما “فادي مرعي” القيادي في تيار المستقبل الكوردي فقد اوضح بأنه ومنذ انضمام بريطانيا إلى الاتحاد الاوروبي عام ١٩٧٣ لم تلزم بكافة القوانين الأوروبية، والتي كانت من أهمها اتفاقية “الشنغن” وتوحيد العملة، مشيرا بأنها كانت الدولة الوحيدة التي حافظت على حدودها المستقلة وعملتها الخاصة وهذا كان ناتج عن تخوفها من التقدم الاقتصادي لبعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا التي كانت تحاول السيطرة على الاتحاد الأوروبي اقتصاديا، وفي المقابل فأن دول الاتحاد الأوربي سوف تفتقد إلى وحدة الصف والموقف السياسي اتجاه المنافسين حسب قوله، موضحا بأنه حتى ضمن مجموعة الدول الصناعية الكبرى في العالم تعتبر بريطانيا دولة عظمى ومن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أي أنها أحد الدول الحاكمة في العالم لذا فان مخاوفها سابقا وحاليا من هيمنة بعض الدول الأوروبية على جميع الدول المنضوية تحت الاتحاد بقوة الاقتصاد وهو ماكان يشكل خطر جدي بالنسبة إليها، والتي تعاني من أزمة اقتصادية مؤخرا على حد قوله .
.
مضيفا إلى انعدام دورها السياسي والعسكري في الآونة الأخيرة بسبب التزامها بقرارات الاتحاد الأوربي الخاصة بهذا الشأن حيث تحاول بريطانيا بانسحابها من الاتحاد العودة إلى دائرة القوة للدول المنفردة إلى جانب كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا بأنها لم تكن متحمسة لفكرة الاتحاد الأوربي منذ البداية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها بعض الدول الأوربية مثل اليونان، إيطاليا، إسبانيا والبرتغال؛ وكذلك بعض دول حلف وارسو الذين انضموا مؤخرا إلى الاتحاد مثل بلغاريا التي أيضا تعاني من مشاكل اقتصادية.
.
مردفا القول بأن انضمام بريطانيا سوف يكلف الجنيه الإسترليني كثيرا كما أفقد المارك الألماني شيئا من قدرته الاقتصادية لأن الدول الأعضاء الأكثر غنا تحملوا أعباء الدول الأضعف اقتصاديا، وفي المقابل فأن دول الاتحاد الأوربي سوف تفتقد إلى وحدة الصف والموقف السياسي اتجاه المنافسين حتى ضمن مجموعة الدول الصناعية الكبرى في العالم على حد وصفه .