امينة بريمو /
عنوان الفيلم الوثائقي عن المقاومة الصامتة للكورد في غرب كوردستان، الذي عرض ضمن أفلام مهرجان الفيلم الكوردي الثامن بلندن في السابع عشر من الشهر الجاري ، وهو من إخراج كلٍ من ديفيد ميسيكور وأوريال غراسيا .
يعرض المخرجان خلال ستون دقيقة الحياة اليومية للكورد في غرب كوردستان، تبدأ أحداث الفيلم على بعد أربعون كيلومتراً من مدينة حلب، حيث تتلاشى الآمال الأخيرة المنعقدة على الثورة السورية ، فيفشل كل من الجيش الحر والقوات الموالية لبشار الأسد في السيطرة على الوضع خلال ثلاثون شهراً من الحرب الأهلية. فيبدي الكورد مقاومة بطولية وتمرد اً صامتاً متخذين خطاً ثالثاً في الكفاح، يخوضون نضالاً شاقاً على محورين بآن واحد، ضد كل من القوات الحكومية والقاعدة المرتبطة بجبهة النصرة وداعش .
يلقي الفيلم الضوء على حياة الكورد في معركتهم اليومية وخوضهم لتجربتهم التاريخية ، فيصور المجتمع الكوردي بأنه متمتع بحكم شبه ذاتي، ويقود عملية نضالية مشرفة لإنتزاع حقوقه القومية المشروعة، ووضع حد لخمسين عاماً من اضطهاد السلطة الحاكمة التي منعتهم من استخدام لغتهم الكوردية، وحرمتهم من حقوق المواطنة والجنسية، وعرضتهم للتهجير القسري، وطبقت بحقهم المشاريع العنصرية تنفيذاً لإيديولوجية القومية العربية .
ويستهل الفيلم في المشهد الأول بإظهار إمرأة كوردية شابة ترتدي الزي العسكري الخاص بالأسايش وتحمل السلاح على كتفها وتتجه لتأخذ مكانها في نقطة تفتيش، فيلحقها أطفالها الثلاثة، ولكنها لن تتراجع عن القيام بمهمتها بل تروي بفخر كيف أنها أنضمت إلى وحدات الحماية الشعبية(ypg) التي أخرجت القوات الحكومية من كوباني وعامودا وعفرين، وأن هذه القوات تسيطر على معظم المناطق الشمالية من سوريا، ولديها معرفة تكتيكية ووعي عالي بأساليب النضال بالمقارنة مع الثوار العرب السوريين . ولعل الكاتب يعطي بذلك دوراًبارزاً للمرأة الكوردية في حياة المجتمع الكوردي، حيث أنها تتمتع بشخصية قوية، وتأخذ أدواراً قيادية في الخطوط الأمامية وعلى جبهات القتال إلى جانب الرجال، فهي بذلك تختلف عن مثيلاتها في المجتمعات الشرق أوسطية المجاورة لها .
كما أن الفيلم يصور بعض الأكاديمين الكورد الذين يقومون بتدريس اللغة الكوردية سراً، ويتم التحدث باللغة الكوردية في الحوار الدائر بين الشخصيات في الفيلم بعد خمسين سنة من الحرمان، وهو بحد ذاته ثورة حسب رأي الكاتب .
والمخرج يؤشر في نهاية العرض بأنه يتابع القصص الإنسانية الكامنة ما وراء العناوين الرئيسية والجدل السياسي القائم، ولا يتغلغل في عمق الواقع السياسي في غرب كوردستان، الذي يشهد استقراراً ظاهرياً، ولكنه يعاني من انقسامات سياسية حادة وصراعات جانبية بين الطرفين الكورديين الرئيسين المتمثلين ، من ناحية بالأحزاب المجتمعة تحت راية المجلس الوطني الكوردي(KNC) المدعوم من رئيس حكومة أقليم كوردستان العراق، ومن ناحية ثانية حزب الإتحاد الديمقراطي (PYD) المدعوم من حزب العمال الكوردستاني، الذي يتمتع بقاعدة شعبية ، ويدير ويحكم مدن وبلدات غرب كوردستان من خلال المجالس المحلية التابعة له .
كما أن المخرج أكد بأن هدفنا ليس تقديم تحليل أكاديمي وديبلوماسي للحقائق، بل إلقاء الضوء على التجربة التاريخية الكوردية في غرب كوردستان، والتي تم تهميشها إعلامياً بسبب إحتكار الحرب الدائرة في سوريا لوسائل الإعلام في تغطية أخبارها، وإننا نسعى إلى التعريف بالجانب الآخر لسوريا الحضارية الساعية إلى السلام منذ بداية الإضطرابات في٢٠١١ , ولكنها أرغمت على خوض حرب شرسة ضد القاعدة، وهي الآن تخطو بخطوات حثيثة نحو تحقيق الحكم الذاتي لكوردستان روز آفا .