المكتسبات القومية لاتفاقية دهوك
في خضم التطورات الميدانية والتحركات الدبلوماسية في سوريا و المنطقة عموماً بغية إيجاد مخرج سياسي للأزمة المتفاقمة منذ ثلاث سنواتٍ ونصف , كان حرياً بشعبنا الكردي وحركته السياسية التحرك كذلك بمثابرة ليكون له نصيبه أيضاً من الخارطة السياسية الجديدة التي ترسم للمنطقة , ودون شك لن يكون ذلك ممكناً دونما توحد الكرد سياسياً و عسكرياً , ولذلك كانت اتفاقية دهوك بين المجلس الوطني الكردي في سوريا وحركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM التي كانت نتيجة جهود مباركة من لدن القوى الكردستانية و برعاية كريمة من قبل الرئيس مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق , وذلك وسط اهتمام ومتابعة دوليتين .
إن التوصل لهذه الاتفاقية ” التاريخية ” بكل ما لهذه الكلمة من معنى سيترتب عليها نتائج ومكتسبات قومية كبيرة تفوق التوقعات , ولعل أولى هذه المكتسبات هي إعادة ثقة الجماهير بحركته الوطنية وردم الهوة بينهما التي طالما كانت تطالب بوحدة الصف الكردي والتقارب بين مكوناتها التنظيمية , هذه الجماهير التي وصلت إلى حالة من التشاؤم من أداء الحركة السياسية الكردية ,وذلك بكل تأكيد سيشكل دعماً قوياً لأداء الحراك السياسي الكردي .
كما إن ذلك سيشكل حافزاً للحد من الهجرة المرعبة التي يعاني منها الشعب الكردي والتي أفرغت المناطق الكردية بدرجة كبيرة , الأمر الذي يشكل في المستقبل تهديداً لديمغرافيتها الكردية , وسيدفع بالكثير من اللاجئين في الجوار للعودة إلى مناطقهم التي هجروا منها نتيجة لعدم الاستقرار المادي و السياسي والأمني في المناطق الكردية .
وأيضاً هذه الاتفاقية ستشكل مرجعية سياسية موحدة للشعب الكردي في سوريا لأول مرة في تاريخه , وخاصةً في ظلّ هذه الظروف الحساسة , وسيكون دون شك ممثلاً شرعياً للشعب الكردي في المحافل الدولية التي ستتعامل معه كقوة سورية رئيسية في جميع المجالات , وستكون بالتالي جزءاً من جميع الحلول التي سيتم الاتفاق عليها مستقبلاً , والأمر نفسه بالنسبة للمعارضة السورية , فهذه المرجعية ستكون القوة المتماسكة الوحيدة في سوريا مما سيدفع أطراف المعارضة على اختلاف مشاربها للسير نحوها ومحاولة التحالف معها , بالإضافة إلى أن ذلك سيساهم بشكل من الأشكال في توحيد المعارضة على مواقف مشتركة ومعتدلة , كما أن الدعم الكردستاني لهذه المرجعية من النواحي المعنوية والسياسية والعسكرية والمادية سيعطيها زخماً كبيراً بين الجماهير , كما أن ذلك سيشكل نواةً لمرحلة الوحدة القومية وسيسرع ذلك من انعقاد المؤتمر القومي الكردستاني المرتقب من قبل أبناء الشعب الكردي في كل مكان لوضع استراتيجيات متفق عليها من قبل الجميع بخصوص تحقيق أهداف الكرد القومية في هذه الحقبة التاريخية المواتية .
كما أن تشكيل قوة عسكرية مشتركة بدعم جماهيري و كردستاني ودولي سيساهم في حماية المناطق الكردية في سوريا من أية مخاطر محدقة وعلى رأسها إرهاب الجماعات الإرهابية المتطرفة الشوفينية , وسيجعل من القضية الكردية في سورية الرقم الأصعب في المعادلة السورية والذي لا يمكن تجاهله .
ونفس الأمر بالنسبة لإدارة المناطق الكردية والمناطق المشتركة وفق هذه الاتفاقية بالمشاركة مع باقي مكونات المنطقة سيساهم في ملئ الفراغ الإداري والأمني والسياسي , الأمر الذي سيجعل الاستقرار يعود إلى مناطقنا , ويجعل من الجغرافية الكردية على امتدادها مهداً خصباً للاستثمارات المحلية والوطنية والدولية , مما سيساهم ذلك في بناء بنية تحتية اقتصادية وعمرانية وصناعية متينة مستقبلاً , بالإضافة إلى تعزيز ثقافة العيش المشترك بين مكونات المنطقة في ظل هذا الاستقرار المرتقب والمأمول.
فوحدة الكرد , إضافةً لتحولهم إلى حلفاء استراتيجيين للقوى العظمى في العالم , والتفاف المعارضة السورية حولهم سيشكل ضمانة قوية لتامين حقوق شعبنا الكردي في سوريا , وما سبق مرهون بالتنفيذ الفوري لبنود اتفاقية دهوك , وهنا نطالب وندعو جميع فصائل ومكونات الحركة السياسية الكردية إلى التحلي بروح عالية من الحس القومي وذلك من خلال نبذ الأنا الشخصية والحزبية جانباً , وتقديم كل التضحيات خدمةً لشعبنا , كما نهيب بالقوى الكردستانية التدخل السريع للدفع بهذه الاتفاقية إلى التطبيق …و نؤكد هنا كما قلنا مراراً وتكراراً أن هكذا فرص لا تتكرر للشعوب , فالاستفادة منها واجب قومي مقدس يعلو فوق أية اعتبارات أخرى . افتتاحية (صوت الأكراد)-تشرين الثاني-2014