كوردستريت || آراء وقضايا
بقلم المحامي عبدالله إمام
كان انبثاق أول تنظيم سياسي كُـردي في سوريا تلبيةً لحاجة موضوعية فرضتها ظروف المرحلة وعدالة القضية الكُردية في سوريا وضرورة حلّها. وقد مرّت الحركة السياسية الكُـردية في سوريا بمراحل مختلفة لكن العنوان الأبرز لها كان انحدار الخط البياني، لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية قسمٌ منها سوريّ يعود إلى تطورات الوضع السياسي في سوريا وآخر خارجي تجلّى بتدخل جهات غير سورية وتسببها بحالة من التشرذم والتبعية المستمرين حتى اليوم.
وقد تأسس حزب آزادي الكُـردي عام 2005 تلبيةً لاستحقاقات المرحلة، وخاصة بعد الانتفاضة الآذارية عام 2004، وتجلّت أهميته أيضاً من خلال انخراطه في الانتفاضة الشعبية السورية منذ آذار عام 2011 وإسهامه الجادّ في تأسيس المجلس الوطتي الكُردي ومن ثمّ تشكيل الاتحاد السياسي وصولاً إلا تأسيس حزب جديد باسم “الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا” (PDK-S) نتيجةً لعملية توحيدية. لكن السلوك الذي مارسه أحد الأطراف المنضوية في تلك العملية قد أدى إلى تصفية كوادر وقواعد الأحزاب الأخرى وخاصة حزب آزادي وصولاً إلى مؤتمره الأخير الذي سمّاه بالرقم 12 ليلغي بذلك العملية التوحيدية من أساسها ويسطو لوحده على قيادة الحزب ومقدراته.
وكان وما يزال الأخطر في سياسة PDK-S هو إلغاء القسم الأكبر من كُردستان سوريا من لائحة اهتمامه سواء لجهة التمثيل المنصف والمتوازن للمناطق الكردية في قيادة الحزب خارج محافظة الحسكة، أو لجهة وضع شؤون تلك المناطق سواء في لائحة أجنداته أو حتى في الإعلام الحزبي. لذا فإن جميع كوادر وقواعد الحزب في مناطق كوباني والرقة وگرێ سپى وكوباني والباب وعفرين .. كانت السباقة في إعلان الاستقالات الجماعية ولم تعد ترى في ذلك الحزب معبراً عنها.
من هنا، ونظراً لحاجة الساحة السياسية الكُردية في سوريا إلى أداة تنظيمية قوية تعبّر تعبيراً حقيقياً جادّاً وصادقاً عن طموحات هذا الشعب الذي عانى الويلات وما يزال، وإلى حامل للمشروع الذي قام على أساسه حزب آزادي ليشكّل النواة التي تلتفّ حولها الجماهير، وتلبيةً لرغبة وإرادة رفاق هذا الحزب وإصرارهم على متابعة النضال بهمّةٍ أقوى ومعنويات أعلى رغم الإجحاف بحقهم ورغم الغدر الذي تعرضوا له، وحرصاً على تلك الطاقات الهائلة من التشتت، فقد وجب إعادة إحياء هذه الأداة النضالية وتطويرها قلباً وقالباً ليواكب الوضع الراهن ويحاكي إرهاصات المستقبل.
ولما كانت الآلاف من كوادر الحركة السياسية الكُردية قد تركت العمل الحزبي سابقاً لأسباب شبيهة، وهي الآن تبحث عن أداة نضالية بديلة تجمع هذه الطاقات في تنظيم سياسي يعيد الاعتبار إلى عدالة القضية الكُردية وينصف المناطق التي مازالت مهمشة، فإن المهمة الأولى لرفاق آزادي بعد انطلاقتهم التجديدية هي التوجّه نحو هؤلاء واستيعابهم ضمن صفوفه وفسح المجال لهم ليكونوا جزءاً من المشروع النضالي الذي سيكون لهم بصمة هامة فيه من خلال المحطات التنظيمية المعروفة.